فلسفة التربية
تشكل فلسفة التربية مبحثا قائما بذاته ومستقلا عن الفلسفة. إذ لكل مجتمع فلسفته الخاصة في التربية والتي تؤطرها جملة من القيم والمعايير المتفق عليها بشكل ضمني، والتي تلزم جميع الأفراد بالخضوع والامتثال لمضامينها. وهذا الأمر لا ينطبق على التربية فقط، بل يتعداها إلى الكثير من المجالات حيث نجد مثلا: فلسفة العلوم، فلسفة اللغة، فلسفة الدين، فلسفة السياسة، فلسفة الاقتصاد...إلى غير ذلك.
وإذا كانت فلسفة التربية تعتمد في جزء منها على الفلسفة العامة وعلى الأسلوب الفلسفي والنظريات الفلسفية في معالجتها للقضايا التربوية، فإنها تعتمد كذلك على نتائج الأبحاث العلمية في مختلف المجالات سواء منها العلوم الطبيعية، أو المعلوميات، واللسانيات، أو فيزيولوجيا الدماغ، أو علم النفس أو علم الاجتماع. كما أن فلسفة التربية تنطلق من الوضعية الاقتصادية والسياسية للمجتمع ومن قيمه وأعرافه وتقنياته وأدواته المادية. ومن ثمة فهي تشكل تعبيرا عن ثقافة المجتمع وتطلعاته وطموحاته لتحقيق الحياة الأفضل.
1. مفهوم فلسفة التربية
يمكن تحديد فلسفة التربية بأنها مجموع الآراء والمبادئ والأفكار والتصورات الفلسفية التي تؤطر وتوجه العملية التربوية وتحدد أهدافها ومقاصدها العامة في مختلف المراحل. فالفلسفة التربوية تنطلق من طبيعة المجتمع ووضعيته الثقافية وتصوراته للإنسان والعالم، من أجل التنظير والتوجيه للقرارات المرتبطة بالشأن التربوي. ومن ثم لا يمكن الحديث عن فلسفة تربوية واحدة، وإنما عن فلسفات للتربية تختلف باختلاف المجتمعات ومستوياتها الثقافية والمادية.
2-أهمية فلسفة التربية
يمكن الحديث عن جدوى فلسفة التربية وأهميتها انطلاقا من الأدوار التي تطلع بها في المجال التربوي ومن ضمنها ما يلي:
- تحديد الغايات والأهداف المرتبطة بنظام تعليمي معين وتوظيف النظريات التربوية انطلاقا من فلسفة المجتمع.
- التنظير للعملية التربوية وتطوير أساليب التدريس والتقويم والإرشاد والتوجيه.
- تقديم نظرة شمولية عن العمل التربوي وما يحيط به من حيثيات اجتماعية وسياسية واقتصادية وتوجهات عامة.
- إثارة التساؤلات والنقاش حول القضايا التربوية، والبحث في الأسس والمضامين الثقافية وتوضيح المفاهيم الأساسية والفرضيات التي تقوم عليها النظريات التربوية، بهدف توضيحها وتيسير عملية التطبيق.
- نقد العملية التربوية وتعديلها وتوضيح المفاهيم التي تقوم عليها حتى تتلاءم مع تطورات ومستجدات الحياة المعاصرة.
- إجراء المقارنة بين وجهات النظر المختلفة ومقابلتها مع بعضها في ضوء محطات ومعايير موضوعية تاريخية وثقافية واجتماعية... وغيرها.
- اقتراح بدائل جديدة لتطوير النظام المعرفي وتطوير الكفايات أو حل المشكلات المرتبطة بالتغيرات الاجتماعية والثقافية والمعلوماتية.
3-مميزات فلسفة التربية
هناك العديد من الخصائص التي تميز فلسفة التربية ومن أبرزها:
- التأمل: والمقصود به التفكير الشامل والعميق في مختلف العناصر المكونة للعملية التربوية من قبيل طبيعة الإنسان والمعرفة والأهداف والوسائل والنتائج.
- الوصف: أي التحديد الدقيق للمشكلات والتحديات التي تواجهها بشكل عام والبحث عن الأسباب الكامنة وراءها، ومعرفة النتائج المرتبطة بها.
- التحليل والتركيب: أي تفكيك الأفكار والنظريات والمفاهيم والقوانين للتأكد من مدى صلاحيتها والجدوى من تطبيقها ثم إعادة بنائها وتركيبها من جديد.
- التأويل: أي إعطاء التفسيرات الممكنة لمختلف المشاكل والتحديات التي تعترض المجال التربوي بهدف الإرشاد.
- النقد: بمعنى تحديد الثغرات ونقط الضعف الموجودة في المعارف والاسس التربوية من أجل تقويمها.
4-الاتجاهات الأساسية في فلسفة التربية
رأينا سابقا بأن فلسفة التربية ليست واحدة، بل هناك فلسفات متعددة بتعدد المجتمعات والاتجاهات المختلفة التي تتبناها في نظرتها للإنسان والعالم وللعملية التربوية ككل. ومن بين الاتجاهات الأساسية نجد: الاتجاه الطبيعي -الاتجاه الوظيفي -الاتجاه التكويني.
1-4- الاتجاه الطبيعي
يعتبر الاتجاه الطبيعي في التربية ثورة على الأنساق الفلسفية السابقة في التربية، والتي كانت تقيد حرية الطفل بكل إملاءات المجتمع ونظمه الثقافية والاجتماعية. إذ يرى هذا الاتجاه بان للطفل قدرات فطرية عند ولادته يمكنه أن يطورها بعيدا عن المجتمع. كما أن بإمكانه أن ينمو نموا طبيعيا، وأن المجتمع ملزم باحترام قدرات الطفل وعدم التدخل إلا في الاتجاه الذي يعززها. إضافة إلى ذلك يرى أصحاب هذا الاتجاه بأن احتكاك الإنسان في المراحل الأولى بالطبيعة والتعرف عليها كفيل بأن يزوده بخبرات حسية وعقلية تكون أساسا متينا لبناء شخصيته الفردية. ومن أبرز رواد هذا الاتجاه نجد بن طفيل وجون جاك روسو.
نموذج بن طفيل:
تعتبر قصة بن طفيل «حي بن يقظان» التي ترجمت إلى العديد من اللغات العالمية، رسالة في التربية بمنظار فلسفي. فقد شكلت الطبيعة لدى بن طفيل المدرسة الأولى لتعلم مهارات الحياة، وذلك من خلال الملاحظة والتقليد والتعلم من كل الخبرات والمشاكل التي عاشها حي بن يقظان في محيطه الطبيعي.
لقد كان بطل هذه القصة "حي بن يقظان" الذي ربته الظبية ينظر إلى جميع الحيوانات فيراها مكسوة بالأوبار، وكان يلاحظ سرعتها في العدو وقوة البطش ثم يرجع إلى نفسه فيرى ما له من العري وعدم السلاح ليتعلم كيف يستر عورته ويحافظ على بقائه. وعرف أيضا عن طريق التجربة كيف يستفيد من النار فيما ينفعه، كطهي الطعام والتدفئة وحماية نفسه من الوحوش الضارية ليتجنب أذاها. كما كان حي يتحسس الأشياء المحيطة به لكي يتعرف على خصائصها ويستمع للطبيعة ويحاكي جميع ما يسمعه من أصوات الطير وسائر الحيوانات. حتى أنه تعلم من الطيور كيف يدفن جثة الظبية التي ربته.
وقد ميز بن طفيل بين خمسة مراحل عمرية تتميز كل منها بنوع خاص من التربية وهي كالتالي:
- المرحلة الأولى: من الولادة حتى السنتين وتتطلب التربية عن طريق التقليد والمحاكاة.
- المرحلة الثانية: من سنتين إلى سبع سنوات وتوازيها التربية عن طريق الملاحظة والتأمل.
- المرحلة الثالثة: من سن السابعة إلى واحد وعشرين سنة وتقابلها التربية الفكرية المجردة.
- المرحلة الرابعة: من سن الواحدة والعشرين إلى سن الثامنة والعشرين، وتقابلها التربية الفكرية التي تروم البحث عن الحقيقة.
- المرحلة الخامسة: من سن الثامنة والعشرين حتى سن الخمسين، وتناسبها التربية الدينية لتحقيق السعادة المطلقة.
من خلال هذه المراحل يتضح أن التربية عند بن طفيل عملية دائمة ومستمرة ولا تقتصر على الطفولة فحسب، بل تتعداها إلى سن الرشد فما فوق. وبذلك يمكن أن نتحدث عن أشكال للتربية لدى الكبار خلافا لما هو معروف من اقتران التربية بالطفولة فحسب. كما أن التربية ليست ثابتة، بل هي عملية ديناميكية ومتغيرة ترتبط بطبيعة المواقف والمراحل التطورية لنمو الانسان.
نموذج روسو
شكلت أعمال جون جاك روسو منعطفا جديدا بالنسبة للمناخ التربوي الذي كان سائدا في العصور الوسطى بأوروبا، ويرجع السبب في ذلك إلى دعوته لبناء التربية على أسس علم النفس وذلك من خلال كتابه إيميل (1762) وقد مثلت الصرخة التي أطلقها روسو من أجل إعطاء الحرية المطلقة للطفل، تعبيرا عن رفضه القاطع للتربية القاسية التي كانت الكنيسة تفرضها على الأطفال وعلى جميع المواطنين في القرون الوسطى. كما أكد جون جاك روسو على التربية الطبيعية للطفل من خلال الدعوة إلى تحريره من توجيهات الراشدين وإبقائه على فطرته حتى الخامسة عشرة من عمره يعيش في أحضان الطبيعة ويتعلم من خلال ملاحظاته وخبراته الحسية ما يساعده على التكيف الطبيعي مع محيطه بعيدا عن ضغوط المجتمع وآثاره السلبية. وقد اعتبر روسو الطفولة فترة نمو تدريجي فقسم التربية إلى أربعة مراحل وهي كالتالي:
- المرحلة الأولى من الولادة إلى السنة الخامسة: تحتل هذه المرحلة مكانة هامة في حياة الإنسان لما تمنحه من غذاء جسمي وعاطفي للطفل، لذلك نجد روسو يؤكد على دور الأم.
- المرحلة الثانية من السنة الخامسة إلى الثانية عشرة سنة: يرى روسو بضرورة غياب المربي في هذه المرحلة وجعل الطفل يعيش تربية سلبية تنتفي معها كل تدخلات الراشدين وتوجيهاتهم وتركه على طبيعته، يعيش الحرية المطلقة للمرح واللعب.
- المرحلة الثالثة من سن الثانية عشرة إلى سن الخامسة عشرة: توازي هذه المرحلة عند روسو مرحلة الاستعداد لتعلم المعارف الإنسانية وفق اختيار الفرد والمنفعة التي يراها في هذا التعلم. حيث يفضل روسو لتلميذه إيميل دراسة العلوم الطبيعية لأنها تعتمد على ما هو محسوس وقابل للملاحظة الطبيعية، كما أنه يأخذ بمبدأ التدرج في التعليم ويرفض العلوم التي لا تعتمد نفس المنهج.
- المرحلة الرابعة من سن الخامسة عشرة إلى سن العشرين: ويعتبرها روسو مرحلة النضج العقلي والنفسي والجسدي التي يصبح فيها الفرد قابلا للتربية والتعرف على أخلاق المجتمع وقيمه ومعاييره.
والجذير بالملاحظة هنا أن الفكر التربوي عند روسو يتشابه إلى حد كبير ما قدمه بن طفيل من أفكار تربوية في القرن الثاني عشر رغم الفارق الزمني الذي يفصل بينهما. إذ أن كتاب الطبيعة كان هو المعلم الفعلي "لإميل" تماما كما هو الشأن بالنسبة " لحي بن يقظان". فكلاهما ينهل من نفس المصدر الطبيعي ويستخدم حواسه في ملاحظة العالم الخارجي، ويتعلم بالممارسة والاعتماد على النفس ويحل مشكلاته باستخدام مكتسباته المعرفية ومهاراته وقدراته الخاصة.
2.4 الاتجاه الوظيفي عند جون ديوي
شكلت أعمال الفيلسوف الأمريكي جون ديوي انطلاقة الاتجاه الوظيفي في التربية. ويذهب هذا الاتجاه إلى أنه من المستحيل من الناحية النفسية والتربوية إثارة سلوك دون وجود نوع من الاهتمام لدى الفرد. وبناء على ذلك دعا إلى ممارسة أنشطة تربوية تستجيب لاهتمامات المتعلم. وقد قام ديوي بتجربة هذه الطريقة التربوية في "المدرسة المختبر" التي انشأها سنة 1896 في شيكاغو، حيث طبق منهج المشروعات الذي يتطلب من المتعلم وخصوصا الطفل القيام بأبحاث لحل المشكلات التي تواجهه. وقد اتخذ جون ديوي من هذه المدرسة الابتدائية النموذجية حقلا لتجربة نظريته في التربية. وفي سنة 1902 ضمت هذه المدرسة لكلية التربية بجامعة شيكاغو لتكون مدرسة تطبيقية تجريبية. وقد حاول ديوي أن يقيم برامج هذه المدرسة وإدارتها على مبادئ الفلسفة البراغماتية. وتعد البراغماتية Pragmatisme مذهبا نفعيا ظهر مع بداية القرن العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد ارتبط هذا المذهب بتطور مناهج البحث العلمي والاتجاهات الواقعية المعاصرة. ويعد الفيلسوف الأمريكي تشالزبيرس Charles Burse أول من وضع الأسس العامة للمذهب البراغماتي، ثم جاء بعده ويليام جيمس william James ليقيم بناء هذا المذهب ويؤكد أن العمل والمنفعة هما مقياس صحة الفكرة وصدقها. وظهر بعد ذلك جون ديوي John Dewey ليتمم بناء هذا المذهب ويستفيد منه في صياغة أفكاره التربوية.
ومن بين المبادئ التي استلهمها ديوي من هذه الفلسفة:
- ضرورة الاتصال والتعاون بين المدرسة والبيت،
- ضرورة اتصال خبرات التلاميذ في المدرسة بخبراتهم خارج المدرسة،
- ضرورة جعل الأطفال يتعلمون عن طريق نشاطهم الذاتي مع احترام ميولهم وحاجاتهم وحريتهم في التعبير عن أنفسهم.
وتمثل التربية الاجتماعية محور اهتمامات جون ديوي الذي كان يهدف إلى العمل على تحقيق اندماج الطفل في أحسن صورة ممكنة داخل المجتمع الأمريكي. إضافة إلى ذلك فإن ديوي ينظر إلى التربية باعتبارها عملية مستمرة لإعادة بناء الخبرة وتطويرها بشكل يمكن الفرد من توظيف مهاراته وقدراته الفكرية. كما يؤكد على مبدأ "التعلم من خلال الممارسة"، وفي المقابل يوجه انتقادات صارمة للنظريات التربوية التي تجعل من المتعلم مجرد ذات تتلقى وتخزن المعلومات.
فالتربية الإيجابية حسب ديوي هي التي تعمل على ترشيد الطفل وإبراز قدراته الإبداعية بشكل مستقل، وتهييئ البيئة المناسبة لتطوير إمكاناته وقدراته الفكرية والأخلاقية. كما أن المدرسة في نظره تشكل مؤسسة اجتماعية كبرى وأداة يمكن استخدامها لإصلاح المجتمع.
وقد أصدر ديوي مجموعة من الكتب التي توضح فلسفته التربوية مثل: كتابه المعروف بعنوان: "علم النفس التطبيقي" (1889) وكتابه "المدرسة والمجتمع" (1900) وكتاب "الطفل والمنهج"(1902) وكتاب "كيف نفكر"(1910) و"الديموقراطية والتربية" (1916) وغيرها من الكتب المرتبطة بالمجال التربوي على وجه الخصوص.
3.4. الاتجاه التكويني عند جون بياجي
يمكن تحديد الاتجاه التكويني بأنه منحى يدرس الظواهر باستخدام المنهج التكويني Méthode génétique. والمنهج التكويني هو منهج تاريخي يتتبع نشوء وتكوين Genèse الظاهرة من البداية حتى النهاية. استخدم بياجي هذا المنهج في علم النفس وسماه علم النفس التكويني Psychologie génétique. وتعني التكوينية في علم النفس أن الصفات النفسية الحالية نشأت بناء على تراكمات وخبرات سابقة وهو ما ينطبق على بناء المعرفة بشكل عام.
لقد أسس جون بياجي إلى جانب عدد من الباحثين المتخصصين في الرياضات والفيزياء والمنطق وعلم النفس والفلسفة وعلم الاجتماع، فرعا معرفيا سمي بالإبستمولوجيا التكوينية Epistémologie génétique. وإذا أردنا أن نعرف كلمة إبستيمولوجيا نجد أنها تتكون من لفظين هما:
- لفظ إبيستيمي: ويعني المعرفة
- ولفظ لوغوس: ويعني العلم
وكلمة إبستيمولوجيا تعني: علم المعرفة أو دراسة المعرفة العلمية دراسة نقدية كأن نقول مثلا إبستيمولوجيا العلوم: أي الدراسة النقدية للعلوم.
والإبستيمولوجيا التكوينية: تعني دراسة المعرفة العلمية في تكوينها ونموها وتطورها، وتحديد نقط القوة والضعف التي تميزها سواء على مستوى المنهج أو الموضوع أو النتائج.
وقد قام بياجي من خلال الابستيمولوجيا التكوينية بدراسة كيفية تطور المعرفة والمنطق عند الطفل فوجد أن المعرفة أو الذكاء يمر بمراحل نمو وفي كل مرحلة يتكون انبناء ذهني ديناميكي معين. فمنذ تكوين هذا العلم سنة 1955كان بياجي يعرف نفسه بأنه «عالم نفس ودارس لتطور المعرفة». إذ كان هدفه في بداية أبحاثه العلمية متجها إلى البحث في مشكلات المعرفة وكيفية تطورها، لكنه وجد نفسه يخوض في قضايا علم النفس المعرفي والنتائج التربوية المترتبة عنه، فاستغرقت أبحاثه أربعين سنة لدراسة تطور الذكاء عند الأطفال وتطور تكوين المعرفة عند الإنسان. وقد اهتم بياجي بالإضافة إلى اهتمامه المبكر بالبيولوجيا بالمجال الفلسفي فدرس (برغسون) و(كونت) و(سبينسر) وأخذ من فلسفة (كانط) فكرة الاستيعاب، والمحاكاة. Assimilation – Imitation.
وإذا تأملنا فلسفة بياجي التربوية فإننا نجدها قائمة على مجموعة من المبادئ أهمها:
اعتبار النمو الذهني عملية نشطة ومستمرة تساهم في تحفيز الرغبة لدى الطفل لمواصلة البحث والاكتشاف بدافع داخلي، شريطة ألا تفوق درجة صعوبة المادة المتعلمة قدرة النظام الذهني للمتعلم، حتى يتمكن من تقبلها والتعامل معها.
كما أن عملية اكتساب المعارف ليست مجرد انعكاس سلبي للمواضيع المحيطة بالفرد وتخزينها في ذهنه، بل هي عملية تفاعلية وتحويلية تقوم على اكتساب معارف جديدة بعد تحويلها وتعديلها لتتوافق مع منظومة المعلومات الموجودة لدى الفرد. وقد استخدم بياجي في هذا السياق مفهوم التمثلReprésentation ويقصد به تلك العملية التي يقوم بها الفكر من أجل إدراك الأشياء واستيعابها. وللتمثل أيضا معنى خاص في علم النفس ويقصد به تكيف الفرد وفقا لحياة الجماعة عن طريق اقتباس مواقف وعادات أو سلوكات شائعة. أو هو استجابة الطفل للتغيرات التي تحدث في المحيط، ويقوم على استيعاب الموضوع الخارجي ثم فهمه ودراسته، والرد عليه بطريقة واعية.
وبالرغم من الانتقادات التي وجهت لفلسفة بياجي التربوية، فإنها قد أفادت الكثير من الباحثين والمدرسين في تحديد المستوى المعرفي للطفل وتكييف أساليب التعلم بحسب طبيعة كل مرحلة وخصائص كل طفل.
المراجع
- بشار عوض جيدوري وزياد عبد الكريم النجم (2019) التطور الدلالي لمفهوم فلسفة التربية. اليازوري للنشر والتوزيع
- زهير الخويلدي (2016) فلسفة التربية والتعليم والحاجة الى التثوير. إنكلترا: . E-Kutub
- جون ديوي (1978) المدرسة والمجتمع، ترجمة أحمد حسن عبد الرحيم، دار مكتبة الحياة للطباعة والنشر، الطبعة الثانية، العراق.
- علي الحاج محمد أحمد (2014) في فلسفة التربية نظريا وتطبيقيا. الطبعة الأولى، دار المناهج للنشر والتوزيع. عمان.
- المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء. رؤية استراتيجية للإصلاح (2015-2030).
- محمد لبيب النجيحي (1992) مقدمة في فلسفة التربية، دار النهضة العربي للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى سنة1992م
- Yves Bertrand. (2003). Théories contemporaines de l’éducation. Lyon: Chronique sociale.
- Emmanuel Nal , & Nathalie Gavens. (2018). Les sciences de l’éducation, une culture pluridisciplinaire : Pour former et se former à l’enseignement et aux interventions socio-éducatives. Louvain-La-Neuve: De Boeck Superieur.
- Olivier Reboul. (2018). La philosophie de l’éducation : « Que sais-je ? » n° 2441. Paris : PUF.
- Achille BundanganduTekilazaya. (2019). La philosophie de l’éducation de John Dewey : Une reconstruction critique. Munich : Utzverlag GmbH.
تعليقات
إرسال تعليق